المعارضة تندد بتحويل الإعلام العمومي إلى أداة انتخابية في يد أحزاب الأغلبية وتتهم الحكومة بـ"التضييق الناعم" على حرية الصحافة

 المعارضة تندد بتحويل الإعلام العمومي إلى أداة انتخابية في يد أحزاب الأغلبية وتتهم الحكومة بـ"التضييق الناعم" على حرية الصحافة
الصحيفة من الرباط
الخميس 15 ماي 2025 - 18:33

أطلقت فرق المعارضة داخل البرلمان المغربي تحذيرات شديدة اللهجة إزاء ما وصفته بـ "الانزلاقات الخطيرة" التي يعرفها المشهد الإعلامي الوطني، منتقدة بشدة ما اعتبرته استغلالا  فجا للإعلام العمومي من طرف بعض أحزاب الأغلبية في سياق حملات انتخابية غير معلنة، ومنددة في الوقت نفسه بـ"تضييق منهجي" يستهدف الصحافة الحرة ويُجهز على ما تبقى من المكتسبات الدستورية المرتبطة بحرية التعبير.

وجاء ذلك، خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، بحضور وزير الشباب والثقافة والاتصال محمد المهدي بنسعيد، حيث فتح نواب المعارضة النار على الحكومة، مشيرين إلى تراجع خطير في منسوب الحرية الإعلامية، وارتفاع وتيرة المتابعات القضائية في حق الصحفيين والنشطاء.

وقال النائب عمر اعنان، عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، إن المشهد الإعلامي المغربي يعاني من هشاشة مزمنة وتضييق متزايد، مشيرا إلى أن المتابعات القضائية ضد الصحفيين والنشطاء "لا تزال تتزايد، وغالبا ما تأخذ طابعا جنائيا زجريا، في تناقض صارخ مع فلسفة دولة الحق والقانون، التي تُفضل التدرج في العقوبات واللجوء إلى الآليات المدنية والتأديبية".

وأشار اعنان إلى أن حوالي 62% من الصحفيين المغاربة لا يتوفرون على عقود دائمة، بحسب معطيات النقابة الوطنية للصحافة، ويشتغلون في ظروف مهنية واقتصادية هشة، ما يُفقدهم الاستقلالية ويُضعف جودة المحتوى الصحفي، ويجعلهم عُرضة للابتزاز والرقابة الذاتية.

واعتبر المتحدث ذاته أن وضعية الإعلام العمومي باتت مقلقة ومبهمة، مشيرا إلى أنه يتم تعيين مسؤوليه في غياب معايير واضحة للكفاءة والتعددية، ويُستعمل أحيانًا كأداة للدعاية السياسية بدل أن يكون منبرًا للحوار العمومي والتثقيف الديمقراطي.

في الاتجاه نفسه، شدد الفريق الاشتراكي على ضرورة إعادة فتح ورش مراجعة مدونة الصحافة والنشر بما يضمن احترام الدستور والمعايير الدولية، وإقرار قانون خاص بالإعلام العمومي يقطع مع التعيينات الحزبية، ويضمن استقلالية التحرير والتدبير المالي، ويكرّس التعددية في المحتوى.

من جانبها، وصفت النائبة الباتول أبلاضي، عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، وضع حرية الإعلام بالمغرب بأنه "مزري ومؤسف"، متهمة الحكومة بشن "حرب ضروس على الإعلام الحر"، من خلال سياسة مزدوجة تقوم على التدجين حينًا، والتضييق والقمع الناعم حينًا آخر.

وقالت أبلاضي إن الحكومة الحالية "حطمت رقما قياسيا في متابعة الصحفيين أمام القضاء، لمجرد ممارستهم لمهنتهم بكفاءة واستقلالية"، منتقدة استعمال الدعم العمومي كوسيلة لإخضاع الصحافة، عبر الإغداق على المنابر الموالية، وخنق المنابر الناقدة بتجفيف منابع الإشهار والدعم.

ولم تتردد في وصف بعض الإجراءات الحكومية، مثل حل المجلس الوطني للصحافة واستبداله بلجنة مؤقتة يعيّن رئيس الحكومة أعضاءها، بأنها "اعتداء صريح على استقلالية المهنة وتنظيمها الذاتي، وخرق للقوانين الوطنية والدولية".

واعتبرت النائبة نادية تهامي عن فريق التقدم والاشتراكية أن تحسّن ترتيب المغرب في مؤشر حرية الصحافة "يرجع أساسا إلى عدم تسجيل حالات اعتقال في الفترة الأخيرة، وإلى مبادرات ملكية في ملف العفو"، لكنها شددت على أن "الارتقاء الحقيقي لا يمكن أن يتم إلا بوجود إرادة سياسية جادة".

وأشارت تهامي إلى أن الإصلاح المنشود يرتبط بحرية التعبير وحق المواطن في المعلومة، كما يتطلب حماية المقاولة الصحفية من الانهيار، عبر تمويل عمومي شفاف، وتكافؤ الفرص في الولوج إلى الإشهار، إضافة إلى تكوين مهني رصين يضمن جودة الممارسة الصحفية.

وأثارت النائبة عن حزب التقدم والاشتراكية قضية استغلال الإعلام العمومي لأغراض انتخابية مسبقة، مشيرة إلى "استعمال بعض القنوات العمومية لبرامج توظف الرموز الوطنية في سياق دعائي"، مطالبة الوزير الوصي بتقديم تفسير لهذا السلوك الذي كان موضوع مساءلة برلمانية وشكاية لدى المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري (الهاكا).

ولم تُخف تهامي قلقها من تراجع تجربة التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب، معتبرة أن "الأزمة التي يعيشها هذا الإطار ليست طبيعية، بل مصطنعة ومتعمدة، في محاولة للالتفاف على المهنة برمتها"، متهمة الحكومة بـ"تجاهل الآجال القانونية لانتخابات المجلس الوطني، وعدم الاجتهاد لإعادة هيكلته بشكل ديمقراطي".

ورغم تباين زوايا التقييم، أجمعت فرق المعارضة خلال الاجتماع على أن الحكومة مطالبة بـ"تغيير مقاربتها تجاه الإعلام"، ووقف سياسة التحكم في المحتوى، والتدخل في البنيات التنظيمية، والتضييق على الصحفيين باسم القانون.

كما طالبت المعارضة بوضع خطة وطنية شاملة لإنقاذ الصحافة من الانهيار، قائمة على الاستقلالية، والتعددية، وحرية النقد، كمدخل لا غنى عنه لترسيخ الخيار الديمقراطي، وتعزيز مناعة البلاد ضد التراجع الحقوقي والتسطيح الإعلامي.

وفي سياق الجدل الدائر حول استغلال الإعلام العمومي لأغراض سياسية وانتخابية، كانت واقعة قد أثارت انتقادات واسعة في أبريل الماضي، حين وجهت المعارضة البرلمانية بمجلس النواب المغربي سؤالا كتابيا لوزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، تستنكر فيه ما وصفته بـ"الدعاية التلفزيونية التي وظفت رموزا وطنية لأغراض انتخابية" .

وتتمثل هذه الواقعة غير المسبوقة، في بث القنوات العمومية المغربية لبرامج وتقارير إعلامية استخدمت رموزا وطنية، مثل العلم الوطني والنشيد الوطني، في سياقات اعتبرتها المعارضة ترويجية لأحزاب الأغلبية الحاكمة، واعتبرت المعارضة أن هذا الاستخدام يُعدّ استغلالاً غير مشروع للإعلام العمومي، الذي يُفترض أن يظل محايدا ويخدم كافة مكونات المجتمع دون تحيز.

وبثت القناة الثانية، مقطعا مدته نحو دقيقتين و20 ثانية، تحت عنوان "إنجازات حكومية كبيرة تمَّ إنجازها من أجل الوصول للمغرب للي بغيناه سنة 2030 ومازال طموحنا أكبر،" إذ تبدأ هذه المادة السمعية البصرية، بالإشارة إلى منجز المنتخب الوطني لكرة القدم في مونديال 2022، وتنتهي بصورة ثابتة ترمز لشعار المملكة المغربية.

وقد أثارت هذه الواقعة تساؤلات حول مدى التزام الإعلام العمومي بالمهنية والحياد، خاصة في ظل اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، كما سلطت الضوء على الحاجة إلى مراجعة الإطار القانوني المنظم للإعلام العمومي، لضمان استقلاليته وتعدديته، ومنع أي استغلال سياسي لموارده.

وفي هذا السياق، دعت المعارضة إلى ضرورة وضع قانون خاص بالإعلام العمومي، يضمن استقلالية التحرير والتدبير المالي، ويكرّس التعددية في المحتوى، بعيدا عن أي تدخلات حزبية أو حكومية كما طالبت بإعادة فتح ورش مراجعة مدونة الصحافة والنشر، لملاءمتها مع مقتضيات الدستور والمعايير الدولية، وتعزيز حرية التعبير والإعلام في البلاد.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...